سنتحدث عن الصحابي الجليل ابوذر الغفاري رضي الله عنه
هو أبو ذَرّ، ويقال أبو الذَرّ، وقد اختُلف في اسمه، فقيل: جندب بن عبد الله. وقيل: جندب بن السَّكَن. والمشهور جندب بن جُنادة، وأمه رملة بنت الوقيعة الغفارية، أسلمت رضي الله عنها.
كان رضي الله عنه طويلاً، أبيض الرأس واللحية، أسمر اللون، نحيفًا، ولد في قبيلة غفار بين مكة والمدينة.
كان رضي الله عنه من كبار الصحابة، قديم الإسلام، يقال: أسلم بعد أربعة فكان خامسًا، وبعد أن أسلم آخى النبي ﷺ بينه وبين المنذر بن عمرو أحد بني ساعدة.
أسلم في مكة قبل الهجرة، ثم إنه رُدَّ إلى بلاد قومه غِفَار، فأقام بها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، فلما أنْ هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إليه، ولازمه، وجاهد معه، وكان بقي في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان.
كان رضي الله عنه رأسًا في الزهد والصدق، والعلم والعمل، قوالًا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم، وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر رضي الله عنه.
قال رضي الله عنه: (ما ترك رسول الله شيئًا مما صبَّه جبريل وميكائيل -عليهما السلام- في صدره إلا قد صبَّه في صدري).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال أبو ذَرّ رضي الله عنه: يا رسول الله، ذهب أصحاب الدثور بالأجور، يُصلُّون كما نُصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضول أموال يتصدقون بها.
فقال رسول الله: (يا أبا ذَرّ، ألا أُعلمك كلمات تدرك بهن مَن سبقك، ولا يلحقك مَن خلفك إلا مَن أخذ بمثل عملك؟)
قال: بلى يا رسول الله.
قال: (تُكبر الله دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمده ثلاثًا وثلاثين، وتُسبحه ثلاثًا وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير).
قال عنه رسول الله ﷺ: (ما تُقِلُّ الغبراء، ولا تُظِل الخضراء على ذي لهجةٍ أصدق وأوفى من أبي ذَرّ، شبيه عيسى ابن مريم).
فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا نبي الله، أفنعرف ذلك له؟ قال: (نعم، فاعرفوا له).
كان منذ أسلم رضي الله عنه من الدعاة إلى الله سبحانه وتعالى، فدعا أباه وأمه وأهله وقبيلته.
أتاه رضي الله عنه وفدٌ من الكوفة وهو في الرَّبَذَة، يسألونه أن يرفع راية الثورة ضد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فزجرهم بكلمات حاسمة قائلاً:
(والله لو أن عثمان صلبني على أطول خشبة، أو جبل لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خيرٌ لي، ولو سيَّرني ما بين الأفق إلى الأفق، لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خير لي، ولو ردني إلى منزلي لسمعت وأطعت وصبرت واحتسبت، ورأيت أن ذلك خيرٌ لي).
تُوفِّي رضي الله عنه بالرَّبَذَة بالقرب من المدينة سنة(٣١)او (٣٢هـ)، وصلى عليه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، ثم مات بعده في ذلك العام في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.